مقاطع من لحن عنيد
1
منظر عام
تات ... تات ... تاتكان صوت ... دقيق ... منغم
يصدر من سماعة هاتف معلقة , تتأرجح من كابينة اتصالات عمومية
وسط الميدان العتيق .
جسد نحيل ... ملقى على وجهه
2
المشهد قبل الأخير
جسد نحيل ... ملقى على وجهه
... فارداً قدماً
مرخياًً أخرى
قابضاً بيده على قصاصة ورق صغيرة
غارقاً في بركة دماء أغرقت الرصيف بينما انساب إلى أسفلت الميدان
خيط تجمع في دائرة حمراء قانية
تلمع تحت أشعة شمس أغسطس في منتصف النهار
مقطوع الشريان تحت السماعة المتأرجحة وسط الميدان العتيق
تات ... تات... تات
مع أول نظرة إليها ... دبّت فيه حياة جديدة
تات ... تات... تات
3
البداية
مع أول نظرة إليها ... دبّت فيه حياة جديدة
وأوأ القلب الوليد ، و... مع أول نظرة منها انسابت من حوله / من داخله.أنغام عذبة
تُرى ... كان يغنى "لفيروز" أم يستمع إليها ؟ ...لا يدرى ,
فقط ... كانت الدنيا من حوله لحناً متواصلاًً
فقط ... كانت الدنيا من حوله لحناً متواصلاًً
رقص عليه مثل "فرانك سيناترا" في حب تحت المطر وسط الشوارع , تجاهل نظرات الأعين الكثيرة في الرؤوس المتشابكة
دفع كل الأجساد ... انساب وسط الزحام كعصفور طليق لتوه
, و... في غرفته القليلة الأثاث قدّم أروع عرض مونودرامى
متمثلاً كل فرسان العشق منذ آدم ... إليه .
بعد لقاءات قليلة ... أخبرته أن اللقاء بات خطراً عظيماً , اقترض من كل معارفه , أحضره إلى البيت ... رفع السماعة ... اختلج قلبه بشدة لمّا وصلته النغمات المنبعثة منها معلنة وجود الحرارة ... عزف لحنها ... أتاه من بعيد صوتها " آلو "... أرتضى أن يلقاها عبر أسلاك الهاتف , قنع منها بصوتها الحالم ينساب مدغدغاً حواسه ... فاتحاً قلبه على مصراعيه لترتاده بين الحين و الحين , تجول في ربوعه ... تعيد ترتيب محتوياته ... تنظفه من كل الأشياء , تستبدلها بصوره لها بحجم القلب كله،
قال كثيراًُ ، أخرج صورتها المعلقة على جدران القلب ... و صفها خلية خلية ... بكل ألوان الورد ... بكل روائح العطر , صمتت ... استنطقها , قالت ... " أحبك ".
أخرجت له من بين الأوراق عريساً فالتهم كل أوراقه الباهتة ... ألقته في بئر من الحيرة حيناً ... ليسبح نحو بالوعة اغتراب مدفوعا بالأمل ... مزوداً بالعشق ... محملاً بوعد أزليّ ... بالحب و ... الانتظار .
كان عاشقا لا يحسن التعبير عن خلجاته سوى بالشعر والغناء.... وهبها من روحه... بضع كلمات
" معزوفةٍ شعريةٍ طرزها بحروف اسمها الغالي " ... ومن جُب اغترابه عزف لحنها الطويل... أسمعها ما كتب ... فأتاه صوتها المتكاسل... " تصبح على خير " ... أردفت " صوت الترنك يزعجنى "... طوى صحيفته وانزوى ينزف سؤاله ..." ما الذي جرى "... دماً صاحبه إلى أن عاد يجنى ما حصد...الم في الظهر...علة مزمنة بالصدر المتيم... وصورة بحجم القلب عنوانها قصاصة مطوية...محفور عليها لحنها رافقت في حقيبته.... قليلا مما ادخر ،
عزف لحنها من كابينة اتصال عمومية .... أتاه صوت معدني ... بارد " هذا الرقم غير موجود بالخدمة "... تعجب قليلا ثم عاود الكرة... ليجيبه نفس الصوت ... كرر الطلب... عبس برهة لكن ... سرعان ما عبث به الأمل ليقضى أياما / أسابيعا / شهوراً ... مصدقاً له ، باحثاً دون كلل ... قابضاً على قصاصة الورق محدقا... في كل وجهٍ قد يكون لها... لكنها لم تكن هناك... أخرج صورتها... سألها ...جمودها آلم الفراغ الذي خلفته ... ردها واستدار يواصل البحث دون أمل
أشعث... أغبر...محنى الظهر،هل كان يحاول رؤية الصورة المعلقة على جدار القلب؟ربما... وربما لو سأل عنها دمه أن تجيب عزفه غناء... أن تعدو إليه ... أن تفي بوعدها القديم، لذا ... بآخر ما تبقى لديه من أمل تقدم نحو الكابينة ... أولج " الكارت "... عزف اللحن ... أجابه نفس الصوت المعدني مستنفذا آخر...ما تبقى من أمل ...مشيداً جدارا مانعاً دونها.... استل ماكينة الحلاقة التي لم يستعملها منذ عاد ...أخفى وجهه في تجويف الكابينة... أدخل يديه....رفعهما أمام عينيه...باليد اليمنى اقترب قابضاً باليسرى على بروز معدني دون أن يتخلى عن قصاصة الورق ... حاملة اللحن العنيد ، الآن... الموسى متقاطع مع شريان المعصم ... يضغط ... يغمض عينيه... يضغط أكثر... يهتف باسمها... يغيب......يقع متشبسا بالورقة الصغيرة ذات اللحن القديم... متصاحباً مع صوت السماعة المعلقة ... تات ... تات ... تات
4
مشهد الحب الأخير
بعد لقاءات قليلة ... أخبرته أن اللقاء بات خطراً عظيماً , اقترض من كل معارفه , أحضره إلى البيت ... رفع السماعة ... اختلج قلبه بشدة لمّا وصلته النغمات المنبعثة منها معلنة وجود الحرارة ... عزف لحنها ... أتاه من بعيد صوتها " آلو "... أرتضى أن يلقاها عبر أسلاك الهاتف , قنع منها بصوتها الحالم ينساب مدغدغاً حواسه ... فاتحاً قلبه على مصراعيه لترتاده بين الحين و الحين , تجول في ربوعه ... تعيد ترتيب محتوياته ... تنظفه من كل الأشياء , تستبدلها بصوره لها بحجم القلب كله،
قال كثيراًُ ، أخرج صورتها المعلقة على جدران القلب ... و صفها خلية خلية ... بكل ألوان الورد ... بكل روائح العطر , صمتت ... استنطقها , قالت ... " أحبك ".
5
مقاطع اللحن العنيد
( أ )
كان يعشق السينما ... فجعلها بطلة أحلامه ، كلمها عن لعبة الشطرنج التي يهواها .. فلاعبته الكوتشينة التى لا يجيدها و لا يحبها .أخرجت له من بين الأوراق عريساً فالتهم كل أوراقه الباهتة ... ألقته في بئر من الحيرة حيناً ... ليسبح نحو بالوعة اغتراب مدفوعا بالأمل ... مزوداً بالعشق ... محملاً بوعد أزليّ ... بالحب و ... الانتظار .
( ب )
كان عاشقا لا يحسن التعبير عن خلجاته سوى بالشعر والغناء.... وهبها من روحه... بضع كلمات
" معزوفةٍ شعريةٍ طرزها بحروف اسمها الغالي " ... ومن جُب اغترابه عزف لحنها الطويل... أسمعها ما كتب ... فأتاه صوتها المتكاسل... " تصبح على خير " ... أردفت " صوت الترنك يزعجنى "... طوى صحيفته وانزوى ينزف سؤاله ..." ما الذي جرى "... دماً صاحبه إلى أن عاد يجنى ما حصد...الم في الظهر...علة مزمنة بالصدر المتيم... وصورة بحجم القلب عنوانها قصاصة مطوية...محفور عليها لحنها رافقت في حقيبته.... قليلا مما ادخر ،
( ج )
عزف لحنها من كابينة اتصال عمومية .... أتاه صوت معدني ... بارد " هذا الرقم غير موجود بالخدمة "... تعجب قليلا ثم عاود الكرة... ليجيبه نفس الصوت ... كرر الطلب... عبس برهة لكن ... سرعان ما عبث به الأمل ليقضى أياما / أسابيعا / شهوراً ... مصدقاً له ، باحثاً دون كلل ... قابضاً على قصاصة الورق محدقا... في كل وجهٍ قد يكون لها... لكنها لم تكن هناك... أخرج صورتها... سألها ...جمودها آلم الفراغ الذي خلفته ... ردها واستدار يواصل البحث دون أمل
( د )
أشعث... أغبر...محنى الظهر،هل كان يحاول رؤية الصورة المعلقة على جدار القلب؟ربما... وربما لو سأل عنها دمه أن تجيب عزفه غناء... أن تعدو إليه ... أن تفي بوعدها القديم، لذا ... بآخر ما تبقى لديه من أمل تقدم نحو الكابينة ... أولج " الكارت "... عزف اللحن ... أجابه نفس الصوت المعدني مستنفذا آخر...ما تبقى من أمل ...مشيداً جدارا مانعاً دونها.... استل ماكينة الحلاقة التي لم يستعملها منذ عاد ...أخفى وجهه في تجويف الكابينة... أدخل يديه....رفعهما أمام عينيه...باليد اليمنى اقترب قابضاً باليسرى على بروز معدني دون أن يتخلى عن قصاصة الورق ... حاملة اللحن العنيد ، الآن... الموسى متقاطع مع شريان المعصم ... يضغط ... يغمض عينيه... يضغط أكثر... يهتف باسمها... يغيب......يقع متشبسا بالورقة الصغيرة ذات اللحن القديم... متصاحباً مع صوت السماعة المعلقة ... تات ... تات ... تات
6
النهاية
محاطاً بعشرت الأقدام مغطىً بورق جرائد ملوث بالدماء... ينظر في مئات الوجوه التي تتطلع إليه..بأسف.. وحسرة... وشفقة... وحزن...رأى كل العيون دامعة ..ما عداها ...تتأمله في جمود...من خلال عينيها المرشوقتين فى جسده المسجى تحت السماعة المتأرجحة... وسط الميدان العتيق... دون دمعة حزن أخيرةفتحى إسماعيل